في حيرة بين الجامعة الغالية والحياة العملية

وصلني سؤال على بريدي في كيورا، تطلب صاحبته النصيحة (رغم تأكيدي أنني لا أقدّم النصائح ولا أتلقاها).
على أي حال، شكرتها على ثقتها وقررت أن أشاركها وأشارككم الحل الذي ألهمني الله إياه.

[سأضع المشكلة/السؤال كما هو هنا، بعد إخفاء أي بيانات تدّل على صاحبته]

لكن قبل أن أبدأ، أرغب بأن أُشيد بأسلوب صاحبة السؤال، فهي نظمت أفكارها بشكل ساهم كثيرًا في مساعدتي على تقديم هذه الهمسات.

نبدأ على بركة الله

سأبلغ العشرين بعد (كذا) شهر واشعر اني لا أسير في الطريق الذي يجعل لحياتي معني .

شعورك في محله تمامًا، إنما من المفترض ألّا يُشعرك ذلك بالسوء.
لنتذكر هنا أن طريقة تربيتنا المنزلية وتعليمنا الرسمي لا يتيحان لنا فرصة لرسم مسار الحياة، فقد اجتمع كلاهما على توجيه حياتنا نحو هدف معين: الحصول على أعلى الدرجات.
لكن لم يُخبرنا أحد ما هي الخطوة التالية، أليس كذلك؟
لذا، أعود فأكرر: لا يجب أن يكون شعور التيه هنا مصدرًا للقلق وإفساد هذه المرحلة الجميلة من حياتنا بالأفكار السلبية.


باختصار، ما تمرّين به طبيعي تمامًا، وقد مرّ به (جميع) مَن في العالم.

طالبة بكلية (أ) فترة الدراسة بها 6 سنين التحقتُ منذ سنتين رغبةً لأهلي لا رغبتي ؛ يُدفع فيها كل سنة مقداراً من المال كبير بالنسبة لما ستوفره لي بعد التخرج فلو عملت بهذه الشهادة لمدة 8 سنين بعد التخرج منها سيظل في عدم استطاعتي ان ادفع مصاريفها ووالدي لايمانع او لم يفكر انها لا تستحق ما يُدفع فيها .

لنتفق هنا على أن تفكير الآباء مختلف تمامًا عن تفكير الأبناء، أولًا.. لفارق السنّ والخبرة الشاسع بينهما. ثانيًا.. لأن الأب -والأب بالذات- يحكمه داخليًا شعور بالتقصير نحو أبناءه، مصدر ذاك الشعور؟ إدراكه أن الحياة صعبة، وهو من يتحمل مسؤولية جلب هؤلاء الأطفال الأبرياء إلى هذا العالم القاسي.
لذا، فوالدك حتى ولو اُضطر للاستدانة، سيبقى مرحبًا بفكرة أن يدفع لك أقساط جامعتك.

لا تلوميه، ولا تلومي نفسك أيضًا (أو تشعري بعقدة ذنب لأنك “تظنين” أنه مُجبر على ما يفعله)، ركزيّ فقط على هدفك التالي…
ركزي على الحل.

أريد ببساطة أن أتركها لأعتقادي أنها ستحل مشاكل كثيرة تواجهني لكن بالتاكيد لو كنت واثقة لما سألت.سأعرض المشاكل التي تواجهني:-

مع نهاية هذه التدوينة، ستكتشفين (ولا أقول سنكتشف، لأن القرار قرارك في النهاية) ما إن كان عليكِ التخلي عن الكلية أم لا.

1-لست شغوفة بها

إن كنت تُتابعين مقالاتي في زِد، ستلاحظين أنها تتمحور -في معظمها- حول الشغف. أنا أؤمن بيقين كامل بأن على الإنسان أن يعمل فيما يُحب، وبما هو شغوفٌ به حقًا.
ذكرتِ قبل قليل أنكِ التحقتِ بالكلية (أ) بناءً على رغبة أهلك، ودعيني أخبركِ أنني -رغم كوني شابًا- فعلت الأمر ذاته: دخلت كلية الاقتصاد والتجارة رغم كُرهي لها، وإيماني بأن مستقبلي سيكون مظلمًا بسببها.
لكن الظروف وضعتني وسط محيطٍ عميق وهائج، لم يكن ليّ من منقذ من الغرق سوى (المحاسبة)، بل ويمكنني القول أن فرعي الجامعي لم ينقذني فحسب من التسوّل أو العمل في وظائف منخفضة الأجر، وإنما أتاح ليّ فرصة اكتشاف شغفي.

[ذكرت جزءًا يسيرًا من تلك الرحلة في واحدة من إجاباتي]

ما أودّ قوله هنا، لا يكفي الشغف مقياسًا وحيدًا للدراسة الجامعية.
أزيدك من الشِعر بيتًا، بعد أن بلغت الثلاثين، بتّ أؤمن أن على الإنسان تجنّب دراسة ما هو شغوف به بشكلٍ أكاديمي، لأن ذلك كفيلٌ بسحب الطاقة الرائعة للشغف نحو ذاك المجال!

تحتاج مهارات ليست لدي حيث اني انطوائية جدا ،

بحسب معلوماتي عن مجال دراستك، فلن تقف الانطوائية عقبة في طريقك. أما باقي المهارات فيُمكن تعلّمها.
دعيني أسرد عليكِ هذه القصة:

قبل نحو 12 عامًا، ناداني والدي وإخوتي لنلتف حوله، كان يُمسك في يده دفتر “كرّاسة” لواجب أخي الصغير الذي يصغرني بـ 8 سنوات، لم أفهم ما الذي دفعه لفعل ذلك، لكنه طلب منّا أن نحل ذلك الواجب أمام أخي الصغير (الذي لا يتجاوز عمره الـ 10 أعوام آنذاك).
تأملت المسألة المطروحة، كان واجب رياضيات “رياضة”، وشعرت أن الأرض تدور بيّ!
صدقي أو لا تصدقي.. عجزت عن حلّ تلك المسألة البسيطة، وكذلك أخوتي. فطردنا والدي من الغرفة وهو يكاد يفقد عقله: أيعقل أن يقف أبنائي -بعد أن وضعتهم في أفضل المدارس- عاجزين أمام مسألة صغيرة كهذه؟

ننتقل بالزمن إلى عام 2015، كنت حينها مرتديًا بذلتي الرسمية، وأجلس على كنبة غريبة اللون، وأنا أستعد لخطبة الفتاة التي أحبّها. بغضّ النظر عن طيب أصلي (والحمد لله)، وكوني شاب مجتهد (وما توفيقي إلا بالله)، لكن ما أبهر والد زوجتي هو قدرتي على حل المسائل الرياضية في جزء من الثانية! إضافةً لاحتفاظي في ذاكرتي بعشرات الأرقام الدقيقة (والمتعلقة بمجال عملي آنذاك كمُحاسب).

لست هنا في صدد كتابة قصيدة مدح ذاتية، إنما فقط وددت التأكيد على أن مشكلة (افتقاد المهارات) من أبسط المشاكل حلًا.

عندما اتخيل نفسي اني قد تخرجتُ منها اراني عاجزة متاخرة عن زملائي

هنا نحتاج لوقفة!
لم تذكري ليّ سبب إحساسك بالعجز والتأخر عن زملائك، ولا أريد منكِ فعل ذلك لأن الأمر لا يعنيني.. بل لا يعنيكِ أنتِ شخصيًا.
أودّ أن اسألك سؤالًا: لماذا اخترتني لتضعي بين يديّ مشكلتك هذه؟

أعلم إجابتك:

بعد ذكري لترددي وطول سؤالي ندمت حقا ولكن لانك شخصية مميزة واستثنائية فكان لا حاجة لي للندم.. انا اريد ان اشكرك حقا لانك سمحت لي بالسؤال لو كنت اسأل شخصا عاديا اعتقد بعد ذكري لترددي واحباطي لك بطول سؤالي ،لكنت تراجعت ولم تجب واعتقدت ان سؤالها بالتاكيد لممل وايضا لن تجيد صياغة افكارها لكن حضرتك لم تفعل بل قررت ان تشجعني وترد علي ؛فبالتاكيد سانتظر انا من احتاج الاجابة وانا متاكدة ان اجابتك ستضيف لي اعتقد حقا انها ستفرق معي انا ممتنة جدا لاني تعرفت علي شخصية عظيمة كحضرتك.

أولًا، أشكر إطرائك اللطيف وثقتك الغالية جدًا، لكن هل تعلمين حقًا من هو صاحب تلك الشخصية التي وصفتها بالعظيمة والاستثنائية والمميزة؟
بالطبع لا! لذا سأخبرك بنفسي..
محدثك يا أخيّتي راسب في الثانوية لسنة، ومفصول من الجامعة (في مصر).
محدثك يا أخيّتي رفض دخول كليّة الطب، لأنه يكره الدراسة.

هل تعلمين من كان صديقي في الثانوية؟ أ. عبدالمهيمن الآغا، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة حسوب. الشركة التي أطلقت موقع مستقل، أي أنني أُعتبر أحد موظفيه (بشكلٍ أو بآخر). تخيلي أن تكون موظفة في شركة صديقتك، كيف سيكون شعورك؟

إنما قررت -بعد ليالٍ من السهر والتعب والبكاء- ألّا أُقارن نفسي بأحد، فسِباقي مختلفٌ عن سباقهم، وظروفي مختلفة كُليًا عن ظروف أي أحد على وجه هذه البسيطة.
وأنا اليوم كما أصف نفسي: أحد أنجح الأشخاص وأسعدهم في العالم.
وغدًا ستكونين أنتِ.

بالاضافة الي شعوري بانه عمل ممل روتيني وسأحتاج الي مجهود كبير لفعل اي شيء يحتاج الي تواصل وشخصية اجتماعية بحته هذا تحدي كبير بالنسبة لي.

أي عملٍ في العالم، أي عمل.. سرعان ما يتحول إلى خطواتٍ مُحددة روتينية. خذيها قاعدة منيّ..
هل تظنين مثلًا أن عملي كمترجم هو أفضل عملٍ في العالم؟ .. لو نظرنا إلى الأمر بحيادية: فأنا أقرأ المقال بالإنجليزية، ثم أحول كلماته للعربية، مستخدمًا المصطلحات التقليدية، وأرشّ عليه في النهاية بعضًا من روحي الإبداعية (أو هكذا يُفترض بها أن تكون).
مجرد خطوات روتينية مكررة.. وقد تكون مملة للوهلة الأولى، فلماذا لا زلت مستمرًا؟
كلمة السرّ: الأثر الطيّب.
تمنحني الترجمة شعورًا رائعًا، وخاصةً حين يُثني أحد الأشخاص على دقة ترجمتي، أو كما قال صاحب دار النشر التي أتعامل معها:

بالمناسبة، هل تعلمين لما قال: قدّر الله وما شاء فعل؟

لأنني ببساطة خسرت فرصة التعاون الأول (وربما تكون الأخيرة) معهم.
بالضبط، أنا أسقط أحيانًا!

نعود إلى موضوعنا،
أي مهنة ستنخرطين فيها، حتى ولو كانت مهنة أحلامك، ستُصبح مع الوقت مجرد روتين. لتجنب ذلك، احرصي على وضع جزء من روحك فيها، واتبعي قاعدة حامل المسك.

2-اسافر يوميا للكلية وتحتاج الي ساعتين علي الاقل والعودة مثلهم يدمر يومي حرفيا طريق متعب والسفر مهلك يجعلني انام اكثر من 9 ساعات وصداع ولا استطيع ان استغل وقت المواصلات لا في النوم ولا في القراءة واشعر بتأنيب الضمير.

أتفهم ظروفك جيدًا، لكنني لا أفهم سبب إحساسك بتأنيب الضمير!
هل لأنك -مثلًا- لا تتمكنين من استغلال وقت المواصلات؟ ممم، من قال لكِ أن عليكِ (إحراق) نفسك لاستغلال كل ثانية من وقتك؟
لماذا لا تضعين مقاطع صوت تحفيزية؟ لروحك المنهارة هذه عليكِ حقًا.

3-اريد ان اضع حد لعدم الوضوح هذا الذي في حياتي فكما قال د مصطفي محمود عندما وضع نفسه في طريق الشكوك والتسأول لم يكن الامر سهل ولم يكن لي رغبة في ان اخذه ماخذلا سهلا وانا من وضعت نفسي في هذا المأزق ايضا بالتساؤل والشك في ديني وبل تركه ايضا اذا بالتاكيد احتاج للتسلح بالقراءة لأنجد نفسي واعرف الحقيقة . لاني مازلت لم اتخطي فكرة عدم وجود الله وحدسي يخبرني اني لن أقتنع ابدا بفكرة عدم وجود خالق لذلك يجب ان اقرا واحتاج الي وقت والتشتت بين كليتي وهدفي والمنزل والقراءة عائق فاريد ان اخذ هذا القرار الحاسم.

انتقلتِ إلى قضية مختلفة تمامًا، وهي علاقتك مع الله والدين.
بالطبع، أنا لا أصلح للإفتاء في هذه المسألة، إنما أرغب بمشاركتكِ إجابتي على سؤال ذو صلة في كيورا

4- كبر سن والدتي ولن يساعدها احد غيري لاني بنت في مجتمع شرقي.اذا كُتب علي تحمل كافة الامور من بعدها ولن اعترض ليساعدني أحد مرة اخري لانها مضيعة للوقت بكل تاكيد ،حاولت مرة وبائت محاولتي لتغيرهم بالفشل فكرة التعاون في الاسرة لم نتربي عليها.

مجتمعنا الشرقي ككل لم يتربى عليها. لست خبيرًا في شؤون التدبير المنزلي، لكنني من حيث المنطق أجد أن عليكِ إيجاد حل.
لن يكون الحل أن يُساعدك أحد، بل أن يحاول كل شخص المحافظة على ترتيب المنزل ونظافته قدر الإمكان. أي أن الحل يبدأ من جذر المشكلة لا من علاماتها.

لدي 3 حلول ورتبتها برغبتي:-

اولا ان اتركها واصبح بلا شهادة واكون قد وفرت 4سنين من عمري ..حرة.. لتطوير مهارة البرمجة مثلا. وليس ذلك فحسب واكون وفرت ايضا المال الذي يٌدفع كل سنة واعطيهم لوالدي بعد اتمامي للتعلم الذاتي واستقراري المادي (س لماذا عدم الافصاح؟ ج لانهم لن يقبلوا نهائي ان اتركها اعرف شخصيتهم ستصبح هذه ال4 سنين بدلا من ان اكون حرة اساعدهم واساعد نفسي ستصبح مشاكل وبؤس حقا ،لان عرض هذا الفكرة من الاساس تحزنهم )

هل يستحق الأمر هذه المجازفة فعلًا؟
أن تتحول سنواتك الأربع القادمة إلى مشاكل وبؤس.. في مقابل ماذا؟

ماذا لو لم تُفلحي في البرمجة؟ ماذا لو اكتشفتِ -متأخرةً- أنها ليست شغفك الحقيقي؟
ثم، هل تعلمين كم يتطلب الأمر قبل أن تتمكني من جني دخل ثابت حقيقي من البرمجة؟ سنواتٍ طويلة (هذا إن كنت محظوظة كفاية لإيجاد فرصة عمل جيدة).

أعلم أن كلامي يبدو محبطًا، وأعلم ما تريدينه من طرح السؤال (قبل أن تذكري ذلك حتى)، لكنني عاجزٌ عن مجاراتك، لماذا؟ لأن دافعك لترك الجامعة عاطفي تمامًا، وأنت تريدين خوض المجهول دون معرفة أو دراية مسبقة. ونادرًا ما تُكلل مثل هذه المخاطرات بالنجاح.

ثانيا اتركها واخدع اهلي واخذ هذا المال للدراسة في كلية (ب) ولا اخبرهم (اذا احتجت للسفر يوما اعتقد اني سأحتاج الي شهادة .انا لا اريد ان اترك اهلي ولكن من الحكمة ان اضع جميع السناريوهات في الحسبان من يعلم) ورغم اني قد احتاج للسفر الا انني حقا لا ارغب في اخذ هذا القرار بالذات.. لسببين انا في (الدولة الفلانية) والتنقل من كلية (…) الي اخري مضيعة للمال والسبب الاخر لان بعد 4 سنين مثلا تخيل ما سوف يقولوه والداي “تركت كلية ذو مكانة اجتماعية وعندها شكوك في دينها او تركته حتي واخذت المال لدراسة ما تريده بدون ادني اعتبار لنا ماذا فعلنا لها” وانا ماذا فعلت لهم لا شيء

تأملي هذه الجملة جيدًا، وبعدها أخبريني: كيف سيكون شعورك لو انقلبت الأدوار؟
لنتفق أولًا أنني ضدّ سيطرة الأهل على قرارات ابنهم/ابنتهم، فليس من حقهم أن يفرضوا عليك مسارًا تعليميًا معينًا، أو يُطالبوكِ بتحقيق أحلامهم الضائعة.
في ذات الوقت، أخذك للمال دون أذنهم واستخدامه لتحقيق مآربك الشخصية (حتى ولو بحُسن نيّة).. حسنًا! أنت تفهمين قصدي.

ايضا كل شيء خارج عن سيطرتنا لم اختر هذه الحياة ولا هم ولكن في النهاية ساكون المتمردة رغم اشعر اني ابنتهم ومن حقهم عليا ان يدعموني في الطريق الذي اريده طالما هم من اتوا بي الي هذه الدنيا

ابتسمت حين (قرأتني) من خلال جملتك السابقة، كنت أقول الشيء ذاته.. حرفيًا!
ثم اكتشفت أنني بذلك أناقض نفسي: هل أهلي مسؤولون عن حياتي فعلًا أم لا؟
إن كانوا كذلك، فقط لأنهم أنجبوني، فهذا يعني أن من حقهم وضع أيديهم على جميع مفاصل حياتي ورسمها كيفما شاءوا (هم من أتوا بي.. هم أهلي.. أنا مجرد ابن أشبه بالمتاع).
إن كانت حياتي مسؤوليتي وحدي، فيجب عليّ رسمها بالشكل الذي أُحبه، دون أن أنتظر دعمًا من أحد (لا علاقة له بيّ). وهنا، يجدر بيّ أن أتخذ قرارًا وأكون مسؤولًا عنه.
وهذا ما فعلته بالفعل!
أتخذت قرارًا أنني لن أستمر في العمل الذي أمّنه ليّ والدي، فقدمت استقالتي ثم بدأت مشوار العمل الحرّ.
وقف والدي مشدوهًا.. ثم غاضبًا.. وتوقف عن دعمي ماليًا. فعِشت أيامًا لا يوجد في ثلاجتي سوى بعض الخبز والقليل من الزيت والزعتر.. كنت متزوجًا (وأب لرضيع). مضت أشهر وأنا أستدين ثمن حليب ذاك الرضيع، وأسدد ديني بالتقسيط المريح (رغم ضآلة المبلغ).
ألم أتخذ قرارًا بالاستقلال؟ إذًا لا بدّ أن أكون بحجم هذا القرار.. مهما كلّف الأمر.

السؤال هنا، هل أنتِ جاهزة لمخاطرة كهذه؟

لكن بالنسبة لهم ستُفهم تمرد وانا رغم اني قد اكون بعد السنيين لا علي ملتهم ولا حققت رغبتهم وسيكرهوني في نهاية المطاف الا اني اريد علي الاقل الا اكون اذيتهم وقد يفرحهم المال الذي لم يستثمر في تعليمي ويحنوا علي.. لا اعلم أأخدع نفسي ام ماذا.

أعتقد أن الإجابة وصلتك.

او

ثالثا اذا قرأت الكلمات الماضية تُقن اني اتخذت قراري ولا يوجد شك نهائيا في رغبتي بترك الكلية ولكن لاني اسير للمجهول واترك كلية ستوفر لي وظيفة مستقرة واتجه للمجهول واللا مضمون يقلقني حقا خاصة ان هدفي في الحياة هو القراءة ليس المال او الوظيفة او المكانة لكن بالتاكيد ساريد وظيفة توفر لي اساسيات المعيشة وشراء الكتب

للمرة الثانية على التوالي، تتحدثين بلساني: أريد وظيفة تتيح ليّ شراء المزيد من الكتب وبعض الشوكولا لأتغذى عليه!
أقسم لك، أحاول أن أكون لطيفًا في إجابتي هذه. أود فعلًا لو يُطاوعني قلبي وضميري لأقول لكِ ما تريدين سماعه ويطرب له قلبك.. لكن لا أستطيع.. لا أستطيع خيانة ثقتك والأخذ بيدك نحو الهاوية السحيقة!

أنا متيقن برغبتك في ترك الكلية، ورغبتك في ارتياد المجهول. وربما تُقنعين نفسك أن هذه الحياة بلا قيمة طالما لم يحيا الإنسان كما يُريد.
وهذا صحيح إلى حدٍ بعيد، لكنك لا تملكين شيئًا، أنتِ (على الزيرو.. كما يقولون). حتى أنكِ لا تملكين خطة واضحة لحياتك. اعذريني، أنا مُضطر للتحدث بهذه الصراحة الفجّة.. لأنني لا أريدك أن تُكرري ذات أخطائي. مع العلم بأنني شاب في مجتمع شرقي، أي أن مساحة الخطأ بالنسبة ليّ أكبر من المتاحة لك، خاصةً وأن والداكِ يعتمدان عليّك ويُعلقان عليكِ آمالاً عريضة.

ما هي أساسيات الحياة بالنسبة لك؟ هل تعتقدين أنه سيكون بمقدورك العيش على وجبة واحدة يوميًا مثلًا؟ أو أن تسكني خيمة وسط الصحراء (فلا تُضطري لدفع أجارٍ أو رسوم كهرباء)؟
آهٍ من تلك الأحلام الوردية، حلمت بمثلها، ثم اكتشفت كم هي الحياة قاسية.
التفتِ حولك، ألا يتقاضى ذلك الموظف 3000 ج.م؟ ومع ذلك، فهو بالكاد قادر على الإتيان بأساسيات الحياة!
عذرًا، أخطأت في وصف الحياة. الحياة ليست قاسية.. بل هي طاحنة ماحقة تسحق الجميع بين تروسها.

بالمناسبة، لماذا نشطح في حديثنا بعيدًا؟ ها أنا أمامك مثال عملي وحقيقي، أُعدّ من أعلى المترجمين المستقلين أجرًا، وأعمل لحساب كبرى الشركات مثل حسوب وأراجيك وغيرهما.
ومع ذلك، فأنا بالكاد أعيش حياة كريمة.. نعم! كما سمعتِ: أتقاضى مبلغًا محترمًا، ومع ذلك بالكاد أعيش حياة كريمة.

من الممكن ان يرد سؤال اذا لماذا لا تركزي علي كليتك الحالية وهو ماسيوفر المال لكن كما اشرت في اول مشكلة لي عن لماذا ارغب بتركها ولاني حتي ولو اريد اي وظيفة فاريدها علي الاقل وظيفة قريبة من قدراتي لا وظيفة تعجزني.اذا فثالث حل هو ان اظل بها ولا اخذلهم في هذا الجانب لكن اكون قد دمرت نفسي لان المسئوليات ستكون كثيرة .

“دمرت نفسي”
تبدو ليّ عبارة قاسية لتصفي بها الموقف آنذاك.
أختي الكريمة، لا زلت في مقتبل العمر، هل تُدركين معنا هذا؟ سأخبرك أنا: هذا يعني أن المجال لا زال متاحًا أمامك لاختبار ألف حياة، وألف ألف طريقة ومجال.. ثم الفشل فيهم جميعًا وأنتِ لم تتجاوزي الخامسة والعشرين!
ولن يُحدد قرارك الآن -أيًا كان- مسار حياتك الأبديّ. فسواء أكملتِ الجامعة أو انسحبتِ منها، سواء أعملتِ في مجال البرمجة أو في مجال نظافة الشوارع، سيكون أمامك دومًا.. أبدًا.. وللأبد.. فرصة لتغيير مسار حياتك في أي لحظة.

لقد فعلت كل ما استطع من اختبارات لمعرفة ذاتي وقرات اجابات اسئلة كثيرة علي كيورا قريبة من مشكلتي واجبت حتي الكثير من الاسئلة كالتالي علي مدونة حضرتك ولكن لا استطيع ان اخذ قرار حاسم ولتقريب شخصيتي

ما رأيك لو أخبرتك أن من وضعوا تلك الاختبارات أنفسهم، لم يصلوا بعد إلى (شخصيتهم الحقيقية)؟
هذا لأن مصطلح (الشخصية الحقيقية) مجرد وهم، لا توجد صفة أو خُلق أو خَلق أو مجال عمل أو طبيعة تكوينية قادرة على تقييد شخصيتهم وقولبتها في شكلٍ ثابت.
هل تعرفين (الزئبق)؟ يٌقال أنه من أكثر المعادن -بشكلها السائل- مراوغة، حتى أن لا أحد يمكنه إمساكه أو حصره في زاوية.
وشخصية الإنسان أشدّ مراوغةً وتفلّتًا من الزئبق، فما رأيك؟

ما هو المجال الذي تحب أن تقرأ فيه؟

احب ان اقرا عامة في الفلسفة وعلم النفس والعلوم والتكنولوجيا انا احب القراءة والمعرفة عامة فاعتقد هدفي ومايجعل لحياتي معني هو المعرفة وهذا الامر لا يدر بالمال. لذلك اشعر اني لست شغوفة بمجال واحد او افقد شغفي سريعا اي لا يوجد مجال واحد اريد بشدة العمل به او القراءة فقط فيه كلما ابدا التعمق في المجال امل واتجه لغيره.

رائع!
هذا ينطبق على مجال البرمجة أو أي مجالٍ ستختارينه: ستمليّن منه بعد فترة، وتتجهين إلى غيره.. بهذه البساطة.
الحل؟ لا يوجد حلّ ينطبق على الجميع، بإمكاني مقاربة الحل إليكِ من خلال القول أن تتوقفي عن بناء أحلام فوق أي أرضٍ، أقصد ألّا تعلّقي أحلامك على دخول مجالٍ معين، حتى وإن كنتِ تذوبين فيه عشقًا.

(*) كيف تُمضي وقت فراغك؟

في القراءة خاصة اريد ان اعرف فلسفتي في الحياة واسكشف ذاتي وداخلي اكثر من ذلك لكي استطيع التعامل مع الخارج.

أولًا، استكشاف الذات لا يكون عن طريق الكُتب. وإنما عبر الاحتكاك بالأخرين. وكل من يقول عكس ذلك -حتى وإن كنت أنا- يخدعك!
دعيني اصِغها بأسلوبٍ آخر: اكتشاف الذات والفلسفة في الحياة هما رحلة لا تنتهي.

(*) ما الذي تجد نفسك بارعًا فيه؟

لست بارعة في شيء الا الآن غير التفكير ووضع الخطط قيد التنفيذ…اعتقد اني اكسل من ان اطور مهارتي ..رغم اني لست راضية عن نفسي الي الآن لكن علي الاقل احاول جاهدة ان اكتشف ماابرع فيه وحسب اختبارت المهارت والشخصية علي الانترنت ..حصلت دائما علي نتائج عالية في حل المشكلات والجانب الرياضي والمنطقي ومتدنيء دائما في الجانب الاجتماعي واللفظي.

“حسب اختبارت المهارت والشخصية علي الانترنت”

من الذي وضع هذه الاختبارات، ومنحها الحقّ في تحديد شخصياتنا؟
اسألك جديًا.. وانتظر منكِ إجابة وافية. أو على الأقل، أن تُخبريني بقناعتك الشخصية حيال الموضوع.

(*) هل تُعتبر (حلّال المشاكل) بالنسبة لشخص ما، اتجاه مشكلة من نمط معين؟

من الممكن ان اكون حلال للمشاكل لكن جانبي الانطوائي حاجز فليس لدي اصدقاء مقربين لكي يسالوني علي شيء فبالتالي لا اعلم .

إجابة جيدة

(*) ما هي المدونات التي تحب زيارتها (عدا مدونتي طبعًا!)؟ وعمّا يتحدث مدونك المفضلون؟

لم اتابع المدونات من قبل لم اكن اعرف بوجود هذا المجتمع. قد خسرت الكثير قبل اسكشافي له.

أنصحك بمتابعة الفهرست، سيُعجبك بالتأكيد.

(*) ما هو المجال الذي يستشيرك فيه الآخرون؟

التكنولوجيا

(*) ما هو المجال الذي ترغب بتعلّم المزيد عنه؟

البرمجة ولكن احيانا افكر انه ليس شرطا البرمجة فانا لجأت لها هرباً من المجال الذي فيه ولكن ارغب في تعلمها لانها اقرب لمهارتي ولشخصيتي التي لا تحب الاختلاط الكثير بالناس ولظني حقا انه هو المجال الذي سيخرجني من منطقة الراحة وسيحثني علي الشروع في العمل بدلا من الكسل.

مااكتشفته بعد كتابتي لهذه السطور..اني اريد ان يتخذ احد قراري عني و يشجعني علي ترك الكلية بضمير مرتاح ويخبرني ان والداي لن يحزنا. لا ان يخبرني كيف اتخذ قرار .

وأنا منذ البداية أخبرتك أنني لن أخبركِ كيف تتخذين قرارًا. لكن هذا يعني أيضًا أنه ليس بمقدوري اتخاذ القرار عنك.
صدقي أو لا تصدقي، أن استفسارك، رغم طوله، لا يعكس 1% من جوانب حياتك التي يحتاج لمعرفتك كل شخص يرغب بمساعدتك.

أنت وحدك من يُلمّ بالقضية ككل.

ولكن لماذا لا استطع اخذ القرار بترك الكلية؟؟ لو قلت لاني سأحزن اهلي ولكن انا اعلم ايضا ان اهلي نظرتهم لي ستختلف عاجلا او اجلا في كلتا الحالتين سيحزنا مني اذا ما اكتشفا حقيقة نظرتي للاديان

لا داعٍ للتفاخر بنظرتك نحو الأديان، لا منطق في فعل ذلك أيضًا.
فتلك النظرة ستتغير ذات يوم بلا شك. فهل ستعودين لتصحيح نظرتهم إليك؟

وسيحزنون ايضا فما الفرق ما هو العائق بداخلي يمنعني من اخذ هذا القرار؟

المانع داخلك هو رغبتك في عدم تحمّل المسؤولية، إضافة لخوفك من أن تكوني على خطأ.

ماذا افعل و ما هي مشكلتي حقا انا عجزت حقا عن التفكير اضع المعطيات امامي والحلول ايضا ولا شجاعة لي لتقبل اي قرار لا يعجبني ان اتركها ولا يعجبني ان اظل بها

اسمح لي ان اضيف شيئا قد تراني قليلا متعجلة وانا صغيرة في العمر وتتسأل لماذا لا تدرسي ال6 سنين وبعدها تتفرغي سنتين للبرمجة وتكسبي بذلك مجالين اذا ما فشلتي في البرمجة الاجابة لان عند تخرجي من الكلية تركيزي لن يكون علي الدراسة بالبرمجة ابدا ساصطدم اولا بان الكلية بها تكليف اجباري سنتين وثانيا هو اني ساكون في عمر الزواج عندما ياتي احد ماذا سيكون سبب رفضي ؛ساضع نفسي في مشاكل اخري وبدلا من ان اذاكر واركز علي البرمجة بعد التخرج لان ليس لدي وقت متأخرة عن المبرمجين ومن في سني. .ساشغل بالي وسافكر ما هي الخطة التالية لرفض العريس القادم غير ان اهلي كبروا في السن سيحتاجون للرعاية وانا لا اريد ان اتركهم علي كل حال فلو قررت ترك المنزل للاستقلال والتركيز في طريقي لن افضل فعل ذلك.

تحتاجين لاتخاذ قرار، والتمسّك به حتى النهاية.

لكنني أرى، أن تمنحي الكلية فرصة ثانية.

في حيرة بين الجامعة الغالية والحياة العملية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تمرير للأعلى